سورة التحريم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التحريم)


        


{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} أي: واجبٌ من الله إن طلقكن رسولُه {أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} خاضعات لله بالطاعة {مُؤْمِنَاتٍ} مصدقات بتوحيد الله {قَانِتَاتٍ} طائعات، وقيل: داعيات. وقيل: مصليات {تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} صائمات، وقال زيد بن أسلم: مهاجرات وقيل: يسحن معه حيث ما ساح {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} وهذا في الإخبار عن القدرة لا عن الكون لأنه قال: {إن طلقكن} وقد علم أنه لا يطلقهن وهذا كقوله: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} [محمد- 38] وهذا في الإخبار عن القدرة لأنه ليس في الوجود أمة خير من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.


قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ} قال عطاء عن ابن عباس: أي بالانتهاء عما نهاكم الله تعالى عنه والعمل بطاعته {وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} يعني: مروهم بالخير وانهوهم عن الشر وعلِّموهم وأدِّبوهم تَقُوهُمْ بذلك نارًا {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ} يعني خزنة النار {غِلاظٌ} فظاظ على أهل النار {شِدَادٌ} أقوياء يدفع الواحد منهم بالدفعة الواحدة سبعين ألفًا في النار وهم الزبانية، لم يخلق الله فيهم الرحمة {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُواْ لا تَعتَذِرُوا اليَومَ إِنَّمَا تُجزَونَ مَا كُنتُم تَعمَلُونَ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} قرأ الحسن وأبو بكر عن عاصم: {نُصوحًا} بضم النون، وقرأ العامة بفتحها أي: توبة ذات نصح تنصح صاحبها بترك العود إلى ما تاب منه.
واختلفوا في معناها قال عمر وأبي ومعاذ: التوبة النصوح أن يتوب ثم لا يعود إلى الذنب، كما لا يعود اللبن إلى الضرع.
قال الحسن: هي أن يكون العبد نادما على ما مضى؛ مجمعًا على ألا يعود فيه.
قال الكلبي: أن يستغفر باللسان ويندم بالقلب ويمسك بالبدن.
قال سعيد بن المسيب: توبة تنصحون بها أنفسكم.
قال القرظي: يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان وإضمار ترك العود بالجنان ومهاجرة سيئ الإخوان.
{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} أي لا يعذبهم الله بدخول النار {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} على الصراط {يَقُولُونَ} إذ طفئ نور المنافقين {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.


ثم ضرب الله مثلا للصالحين والصالحات من النساء فقال جل ذكره: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ} واسمها واعلة {وَامْرَأَةَ لُوطٍ} واسمها واهلة. وقال مقاتل: والعة ووالهة.
{كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ} وهما نوح ولوط عليهما السلام {فَخَانَتَاهُمَا} قال ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط وإنما كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما فكانت امرأة نوح تقول للناس: إنه مجنون، وإذا آمن به أحد أخبرت به الجبابرة وأما امرأة لوط فإنها كانت تدل قومه على أضيافه إذا نزل به ضيف بالليل أوقدت النار، وإذا نزل بالنهار دخنت ليعلم قومه أنه نزل به ضيف.
وقال الكلبي: أسرتا النفاق وأظهرتا الإيمان.
{فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} لم يدفعا عنهما مع نبوتهما عذاب الله {وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}.
قطع الله بهذه الآية طمع كل من يركب المعصية أن ينفعه صلاح غيره.

1 | 2 | 3